أبو حنيفة أو أبو حنيفة النعمان أو نعمان بن ثابت بن زوطا بن مرزبان المولود سنة (80 هـ/699م) بالكوفة وهو أفغاني الاصل واكد ذلك الدكتور المرحوم مصطفى جواد حيث قال (ان الامام أبو حنيفة من اعلام الأفغان تعود أصوله إلى كابل[2][3]. والتي كانت آنذاك حاضرة من حواضر العلم، تموج بحلقات الفقه والحديث والقراءات واللغة والعلوم، وتمتلئ مساجدها بشيوخ العلم وأئمته، وفي هذه المدينة قضى النعمان معظم حياته متعلماً وعالماً، وتردد في صباه الباكر بعد أن حفظ القرآن على هذه الحلقات، لكنه كان منصرفاً إلى مهنة التجارة مع أبيه، فلما رآه عامر الشعبي الفقيه
الكبير ولمح ما فيه من مخايل الذكاء ورجاحة العقل أوصاه بمجالسة العلماء
والنظر في العلم، فاستجاب لرغبته وانصرف بهمته إلى حلقات الدرس، فروى
الحديث ودرس اللغة والأدب،
وكان من كثرة اهتمامهِ بأن لا يضيع عنه ما يتلقاه من العلم يقضي الوقت في
الطواف على المجالس حاملاً أوراقه وقلمه، واتجه إلى دراسة علم الكلام حتى
برع فيه براعة عظيمة مكّنته من مجادلة أصحاب الفرق المختلفة ومحاجّاتهم في
بعض مسائل العقيدة، ثم انصرف إلى الفقه ولزم دروس الفقه عند حماد بن أبي سليمان. اشتهر بورعه، وكان تاجراً مشهوراً بالصدقِ والأمانة والوفاء.
في الكوفة إحدى مدن العراق الكبرى ولد الأمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت وسماه أبوه النعمان تيمنا بأحد ملوك العراق الأوائل أو ملوك المناذرة العرب لان الاسم عربي ! هو من أسرة أفغانية ترجع إلى موطنها الاصلي مدينة كابل بأفغانستان[4]![5] وحين انعم الله على جده زوطا بالإسلام دخل في بني تيم الله بن ثعلبة وتأثر بما سمع من الأمام علي
رضي الله عنه! وكان معه, ومن أتباعه! وورث أبو حنيفة عن أبيه وجده حبا لآل
البيت صادف قلبا خاليا فتمكن منه! وكان له أستاذه وصديقه الأمام جعفر الصادق أسوة حسنه. ولقد أوغر ميله إلى الائمة من آل البيت صدور الأمويين والعباسيين عليه-على السواء- مما كان له أثره في حياته.مات أبوه قبل أن يشتد عوده وتولت أمه تربيته وتنشئته.
كان أبو حنيفة حسن الوجه, حسن الثياب.. طيب الريح!! كثير الكرم..حسن
المواساة لإخوانه.. كان يُعرف بطيب الريح إذا أقبل, و إذا خرج من داره!
بلغ عدد شيوخ أبي حنيفة أربعة آلاف شيخ، فيهم سبعة من الصحابة، وثلاثة
وتسعون من التابعين، والباقي من أتباعهم وأبرزهم : حماد بن أبي سليمان جاء
في "المغني": هو أبو إسماعيل، كوفي يُعدّ تابعيًا سمع أنسًا والنخعي وكان
أعلمهم برأي النخعي، روى عنه أبو حنيفة ألفي حديث من أحاديث الأحكام، وأكثر
من ثلث أحاديث الإمام في مسنده الذي جمعه الحَصْكَفي، هي برواية الإمام
عنه عن إبراهيم بن أبي موسى الأشعري، عن الأسود عن عائشة رضي الله عنهم.
من شيوخه أيضًا إبراهيم بن محمد المنتشر الكوفي، وإبراهيم بن يزيد
النخعي الكوفي، وأيوب السختياني البصري، والحارث بن عبد الرحمن الهمذاني
الكوفي وربيعة بن عبد الرحمن المدني المعروف بربيعة الرأي، وسالم بن عبد الله أحد الفقهاء السبعة، وسعيد بن مسروق والد سفيان الثوري، وسليمان بن يسار الهلالي المدني وعاصم بن كليب بن شهاب الكوفي.
وذكرت بعض الأخبار أنه تتلمذ على جعفر بن محمد لمدة سنتين ولكن هذا
مخالف للحقائق التاريخية الثابتة حيث لم يلتقي الإمام أبو حنيفة بجعفر بن
محمد لأن أبا حنيفة عاش في الكوفة بينما عاش جعفر بن محمد في المدينة. كما
أن الثابت تاريخيا هو تتلمذ جعفر بن محمد على تلاميذ أبي حنيفة حيث تعلم
منهم تشريع (القياس) وطبقه في أحكامه الفقهية.
وبعد موت شيخه حماد بن أبي سليمان آلت رياسة حلقة الفقه
إلى أبي حنيفة، وهو في الأربعين من عمره، والتفّ حوله تلاميذه ينهلون من
علمه وفقهه، وكانت له طريقة مبتكرة في حل المسائل والقضايا التي كانت تُطرح
في حلقته؛ فلم يكن يعمد هو إلى حلها مباشرة، وإنما كان يطرحها على
تلاميذه، ليدلي كل منهم برأيه، ويعضّد ما يقول بدليل، ثم يعقّب هو على
رأيهم، ويصوّب ما يراه صائبا، حتى تُقتل القضية بحثاً، ويجتمع أبو حنيفة
وتلاميذه على رأي واحد يقررونه جميعا.
وكان أبو حنيفة يتعهد تلاميذه بالرعاية، وينفق على بعضهم من مالهِ،
مثلما فعل مع تلميذه أبي يوسف حين تكفّله بالعيش لما رأى ضرورات الحياة
تصرفه عن طلب العلم، وأمده بماله حتى يفرغ تماما للدراسة، يقول أبو يوسف
المتوفى سنة (182هـ = 797م):
"وكان يعولني وعيالي عشرين سنة، وإذا قلت له: ما رأيت أجود منك، يقول: كيف
لو رأيت حماداً –يقصد شيخه- ما رأيت أجمع للخصال المحمودة منه".
وكان مع اشتغاله يعمل بالتجارة، حيث كان له محل في الكوفة لبيع الخزّ (الحرير)، يقوم عليه شريك له، فأعانه ذلك على الاستمرار في خدمة العلم، والتفرغ للفقه.
لم يؤثر عن أبي حنيفة أنه كتب كتاباً في الفقه
يجمع آراءه وفتاواه، وهذا لا ينفي أنه كان يملي ذلك على تلاميذه، ثم
يراجعه بعد إتمام كتابته، ليقر منه ما يراه صالحاً أو يحذف ما دون ذلك، أو
يغيّر ما يحتاج إلى تغيير، ولكن مذهبه بقي وانتشر ولم يندثر كما أندثرت
مذاهب كثيرة لفقهاء سبقوه أو عاصروه، وذلك بفضل تلاميذهِ الموهوبين الذين
دونوا المذهب وحفظوا كثيرا من آراء إمامهم بأقواله وكان أشهر هؤلاء:
أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري المتوفي عام(183هـ/799م)، ومحمد بن الحسن الشيباني المتوفي في عام(189هـ/805م)، وزفر بن الهذيل، وهم الذين قعدوا القواعد وأصلوا الأصول في المذهب الحنفي.
ولقد قضى الإمام أبو حنيفة عمرهُ في التعليم والتدريس ولقد تخرج عليه الكثير من الفقهاء والعلماء،
ومنهم ولدهُ حماد ابن ابي حنيفة، وإبراهيم بن طهمان، وحمزة بن حبيب
الزيات، وأبو يحيى الحماني، وعيسى بن يونس، ووكيع، ويزيد بن زريع، وأسد بن
عمرو البجلي، وحكام بن يعلى بن سلم الرازي، وخارجن بن مصعب، وعبد الحميد
ابن أبي داود، وعلي بن مسهر، ومحمد بن بشر العبدي، ومصعب بن مقدام، ويحيى
بن يمان، وابو عصمة نوح بن أبي مريم، وأبو عبد الرحمن المقريء، وأبو نعيم
وأبو عاصم، وغيرهم كثير.
مد الله في عمر أبي حنيفة، وهيأ له من التلاميذ النابهين من حملوا مذهبه
ومكنوا له، وحسبه أن يكون من بين تلاميذه أبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وزفر،
والحسن بن زياد، وأقر له معاصروه بالسبق والتقدم، قال عنه النضر بن شميل:
"كان الناس نياماً عن الفقه حتى أيقظهم أبو حنيفة بما فتقه وبيّنه"، وبلغ من سمو منزلته في الفقه ان قال فيهِ الإمام الشافعي : "الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة".
كما كان ورعاً شديد الخوف والوجل من الله، وتمتلئ كتب التاريخ والتراجم بما يشهد له بذلك، ولعل من أبلغ ما قيل عنه ما وصفه به العالم الزاهد فضيل بن عياض
بقوله: "كان أبو حنيفة رجلاً فقيهاً معروفاً بالفقه، مشهورا بالورع، واسع
المال، معروفا بالأفضال على كل من يطيف به، صبورا عل تعليم العلم
بالليل والنهار، حسن الليل، كثير الصمت، قليل الكلام حتى ترد مسألة في
حلال أو حرام، فكان يحسن أن يدل على الحق، هاربا من مال السلطان".
وتوفي أبو حنيفة في بغداد بعد أن ملأ الدنيا علماً وشغل الناس في (11 من جمادى الأولى 150هـ/14 من يونيو 767م) ويقع قبره في مدينة بغداد بمنطقة الأعظمية في مقبرة الخيزران على الجانب الشرقي من نهر دجلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق